حكم الرقى وكيفيتها
الفتـــاوى النفسية
الرقية الشرعية.. مسائل وأحكام
أ) حكم الرقى وكيفيتها
س1: ما حكم التداوي من القرآن والتراقي به واتخاذ المعوذات والتمائم منه؟
جـ1: أولاً: يجوز التداوي بالقرآن ؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: "أنطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم:لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض الشيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم من شيء، فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطق يتفل عليه ويقرأ: (الحمد لله رب العالمين) الفاتحة.
فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبه. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال: " وما يدريك أنها رقية "، ثم قال: " لقد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهماً "، فهذا الحديث يدل على مشروعية التداوي بالقرآن.
ثانياً: أما اتخاذ التمائم منه فذلك لا يجوز في أصح قولي العلماء ؛ لعموم الأحاديث الدالة على تحريم تعليق التمائم ؛ سداً للذريعة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
(من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم 2392)
****
س 2: نسمع في هذه الأيام عن أناس يعالجون بالقرآن مرضى الصرع والمس والعين وغير ذلك وقد وجد بعض الناس نتيجة مرضية عند هؤلاء فهل في عمل هؤلاء محذور شرعي. وهل يأثم من ذهب إليهم ؟ وما الشروط التي ترون أنها ينبغي أن تكون موجودة فيمن يعالج بالقرآن ؟ وهل أثر عن بعض السلف علاج المسحورين والمصروعين وغيرهم بالقرآن؟
جـ2: لا بأس بعلاج مرضى الصرع والعين والسحر بالقرآن وذلك ما يسمى بالرقية بأن يقرأ القارئ وينفث على المصاب فإن الرقية بالقرآن وبالأدعية المشروعة جائزة. وإنما الممنوع الرقية الشركية وهي التي فيها دعاء لغير الله واستعانة بالجن والشياطين كعمل المشعوذين والدجالين بأسماء مجهولة.
أما الرقية بالقرآن والأدعية الواردة فهي مشروعة وقد جعل الله القرآن شفاء للأمراض الحسية والمعنوية من أمراض القلوب وأمراض الأبدان لكن بشرط إخلاص النية من الراقي والمرقي وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله وأن الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة ولا باس بالذهاب إلى الذين يعالجون بالقرآن إذا عرفوا بالاستقامة وسلامة العقيدة وعرف عنهم أنهم يعملون بالرقية الشرعية. والعلاج بالرقية القرآنية من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل السلف فقد كانوا يعالجون بها المصاب بالعين والصرع والسحر وسائر الأمراض ويعتقدون أنها من الأسباب النافعة المباحة وأن الشافي هو الله وحده.
ولا بد من التنبيه على أن بعض المشعوذين والسحرة قد يذكرون شيئاً من القرآن أو الأدعية لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجن والشياطين، فيسمعهم بعض الجهال ويظن أنهم يعالجون بالقرآن وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه.
المرجع: كتاب (المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله)
****
2- حكم تكرار الرقية للشفاء
س 3: ما حكم الشرع فيمن كان يقرأ الرقى وهو حافظ لكتاب الله معروف بالتقى والصلاح، ولم يقرأ إلا بالقرآن أو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكرر بعض الرقى من السور والآيات أو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمثلاً يقرأ الفاتحة مائة مرة أو أكثر دون اعتقاده بأن العدد إذا قل أو كثر سيكون منه الشفاء، فما حكم هذا التكرار وهل هو بدعة أم لا ؟
جـ 3: أرى أنه لا مانع من التكرار سواء بعدد أو بدون إحصاء، وذلك لأن القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً، فعليه استعمال القراءة بكتاب الله، أو الدعاء بالأدعية النبوية ويكون ذلك علاجاً نافعاً بإذن الله مع إخلاص القارئ ومع استقامة المريض ومع استحضار معاني الآيات والأدعية التي يقرؤها ومع صلاح كل من الراقي والمرقي، والله الشافي.
(من فتاوى الشيخ العلامة ابن جبرين – رحمه الله)
المرجع: (الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
****
3- هل يعالج المسلم نفسه بنفسه
س 4: هل يمكن للمسلم أن يعالج نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء ؟
جـ 4: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحس بمرض ينفث في يديه (ثلاث مرات) بـ (قل هو الله أحد) و (المعوذتين)، ويمسح بهما في كل مرة ما استطاع من جسده عند النوم عليه الصلاة والسلام، بادئاً برأسه ووجهه وصدره، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح، ورقاه جبرائيل لما مرض في الماء بقوله: " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك) (ثلاث مرات)، وهذه الرقية مشروعة ونافعة.
وقد قرأ صلى الله عليه وسلم في ماء لثابت بن قيس رضي الله عنه، وأمر بصبه عليه،كما روى ذلك أبو داود في الطب بإسناد حسن.. إلى غير هذا من أنواع الرقية التي وقعت في عهده عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم رقى بعض المرضى بقوله: "اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً".
المرجع: (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله).
****
4- النفث في الماء من الرقي الجائزة
س 5: عن النفث في الماء ثم يسقاه المريض استشفاء بريق ذلك النافث وما على لسانه حينئذ من ذكر الله تعالى أو شيء من الذكر كآية من القرآن أو نحو ذلك ؟
جـ 5: لا بأس بذلك فهو جائز، بل قد صرح العلماء باستحبابه.
وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية، وكلام محققى الأئمة. وهذا نصها:
قال البخاري في صحيحه: (باب النفث في الماء) ثم ساق حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاثاً ويتعوذ من شرها فإنها لا تضره " وساق حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين جميعأً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده.
وروى حديث أبي سعيد في الرقية بالفاتحة ـ ونص رواية مسلم: فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقة ويتفل فبرأ الرجل، وذكر البخاري حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الرقية: " بسم الله تربة أرضنا وريقة بعضنا ؛ يشفى سقيمنا بإذن ربنا".
وقال النووي: فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلاً في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ودفع الضرر – إلى أن قال ـ ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وتكلم ابن القيم في (الهدي) في حكمة النفث وأسراره بكلام طويل قال في آخره: وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه وتستعين بالرقية والنفث على إزالة ذلك الأثر، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها. وفي النفث سر آخر فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان..هـ.
وفي رواية مهنَّا عن أحمد: في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض. قال: لا بأس به. وقال صالح: وربما اعتللت فيأخذ أبي ماء فيقرأ عليه ويقول لي اشرب منه واغسل وجهك ويديك.
وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله في زوال الإشكال الذي حصل لكم فيما يتعاطى في بلدكم من النفث في الإناء الذي فيه الماء ثم يسقاه المريض، وصلى الله على محمد.
المرجع: مجموع (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله -)
(مفتي الديار السعودية في زمانه)
****
5- (حكم كتابة بعض الآيات القرآنية ووضعها في ماء وشربها لعلاج الألم وعسر الولادة)
س 6: إذا طلب رجل به ألم رقى وكتب له بعض آيات قرآنية وقال الراقي ضعها في ماء واشربها، فهل يجوز أم لا ؟
ج 6: سبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جواب عن سؤال مماثل لهذا السؤال هذا نصه: كتابة شيء من القرآن في جام أو ورقة وغسله وشربه يجوز ؛ لعموم قوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء: ٨٢
فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان، ولما رواه الحاكم في (المستدرك) وابن ماجة في (السنن) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالشفائين: العسل والقرآن "، وما رواه ابن ماجه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خير الدواء القرآن ". وروى ابن السني عن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا عسر على المرأة ولادتها خذ إناءً نظيفاً فاكتب عليه (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) الأحقاف: ٣٥ الآية.، و (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيةً أو ضحاها) النازعات: ٤٦) الآية، ثم يغسله، وتسقى المرأة منه، تنضح على بطنها وفي وجهها. وقال ابن القيم في (زاد المعاد) (3/381): قال الخلال: حدثني عبدالله بن أحمد قال: رأيت ابي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما " لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) الأحقاف: ٣٥
(كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيةً أو ضحاها)النازعات: ٤٦ (قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروزي: أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، تكتب لامرأة عسرت عليها ولادتها منذ يومين،فقال: قل له: يجيء بجام واسع وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد، وقال ابن القيم أيضاً: ورأى جماعة من السلف أن يكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس به أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة. إنتهى كلام ابن القيم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
(من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم (143))
****
ب) مسائل عقدية في الرقى الشرعية:
س1: هل الرقية تنافي التوكل ؟
جـ1: الرقية لا تنافي التوكل لأنها من الأسباب المشروعة وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها وأمر بها وتدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التداوي:" نعم يا عباد الله تداووا ... " الحديث صحيح.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس بالرقية حتى قال
(مالي أرى أجسام بن أخي ضارعة ؟تصيبهم الحاجة ؟ قالت: لا ولكن العين تسرع إليهم، قال: أرقيهم) كما في صحيح مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام كما في صحيح مسلم أيضاً. وكما جاء في الحديث حينما سأل عن الرقى هل ترد من قدر الله شيئا فقال صلى الله عليه وسلم (هي من قدر الله).
بل شرع النبي صلى الله عليه وسلم الرقية بكل ما ليس فيه شرك من الرقى التي تتوافر بها الشروط الشرعية حيث قال صلى الله عليه وسلم " أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شركاً) رواه مسلم.
س2: هل الرقية توقيفية كالعبادات أم أنها خاضعة للاجتهاد والتجربة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شركاً " وما الضابط للتجربة ؟.
جـ 2: الرقية مشروعة (خاضعة للاجتهاد والتجربة) بشروطها وأهمها:
1- أن تكون بكلام الله تعالى (القرآن)،والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأدعية الصحيحة التي ليس فيها شرك ولا بدعة وبألفاظ مفهومة لقوله صلى الله عليه وسلم (أعرضوا على رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن شركاً).
2- أن تخلو من الألغاز والطلاسم والأدعية التي لا تفهم أو الحركات الغامضة.
3- أن يعتقد الراقي والمرقي عليه بأن الشافي هو الله تعالى وأن هذه الأسباب إنما تنفع بتقديره سبحانه.
4- إخلاص النية والتوجه إلى الله حال القراءة والدعاء.
س3: هل الرقية الشرعية تنفع في علاج الأمراض العضوية والنفسية، وما حكم الاستهزاء بالرقية الشرعية من بعض الأطباء وغيرهم من المثقفين، وما رأيكم في من يقول لا علاقة للقراءة بهذه الأمراض ويعتبر أن هذا من الخرافات.
جـ3: نعم الرقية سبب شرعي يقدر الله به الشفاء والانتفاع بإذن الله من الأمراض النفسية والعضوية والإقرار بذلك يعتمد على الإيمان والتسليم لله تعالى ولما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك كما في قصة اللديغ (وهو الذي لدغته العقرب وأصابه سمها) فشفاه الله تعالى بقراءة الفاتحة عليه وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمسلم طبيباً كان أو غير طبيب يجب أن يسلم بما ثبت شرعاً من الشفاء بالرقية لاسيما القرآن الذي سماه الله تعالى (هدى وشفاء) و (شفاء ورحمة للمؤمنين) وما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل عليه السلام
قال: " بسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك... " الحديث رواه مسلم. وقوله (ومن كل داء يشفيك) دليل على شمول الرقية لجميع أنواع الأمراض النفسية والعضوية.
وباستقراء السنة نجد الأمراض التي عولجت بالرقية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من الأمراض العضوية وما كانوا يعرفون النفسية المعهودة في عصرنا.
وأما زعمهم أن هذا من الخرافات، والقرآن لا علاقة له بعلاج هذه الأمراض فهذا برهان جهلهم بدين الله وقلة فقههم بشرع الله، وكثير منهم قاسوا الأسباب الشرعية على العلوم التجريبية وهذا خطأ في أصل التدين عندهم نسأل الله العافية والسلامة. وإلا فلو أنهم فقهوا أن الله تعالى الذي علم الإنسان العلوم المادية ومنها الطب هو الذي شرع الأخذ بالأسباب الشرعية
(غير المادية وغير المحسوسة) كالرقية والأخذ من العائن لما تنكروا لما شرعه الله من الرقى وتأثيرها المجرب. أما الأسباب غير المشروعة كالدجل والشعوذة والسحر ونحوها فقد حرمها الله تعالى.
س4: يقول الإمام ابن حجر رحمه الله.
وتكون العين بإعجاب ولو بدون حسد، وتكون من الرجل المحب وتكون من الرجل الصالح.... نرجو من فضيلتكم شرح هذه العبارة وهل يلزم من كل عائن أن يكون حاسداً ؟ وهل تكون العين من الصاحب والقريب والصالح وإن كان مازحاً أو مادحاً ؟
جـ4: الأصل في العين أن تكون من حاسد، وقد تحصل بالغبطة من غير حسد ظاهر فقد تحدث العين بسبب كلمة من غير حاسد أو من صديق أو قريب لكنها قد تثير أعجاب الجن الذين يخالطون الأنس أحياناً كما في الحديث المتفق عليه في قصة المسفوعة قال صلى الله عليه وسلم (استرقوا لها فإن بها النظرة) أي من الجن. وعلى هذا قد يحدث أن تكون العين من الصديق والقريب والصالح بوصفٍ أو مزح أو مدح حال الجد أو الهزل أي أن الصديق والقريب والصالح قد يتسبب في حدوث العين بقصد أو بغير قصد وهو الغالب.
(من فتاوى الشيخ.د. ناصر بن عبد الكريم العقل)
(رئيس قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة. بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- سابقاً)
****
جـ) آداب الرقية الشرعية:
س 1: ما هي الصفات والآداب التي ينبغي للراقي أن يتحلى بها:
جـ 1: لا تفيد القراءة على المريض إلا بشروط:
الشرط الأول: أهلية الراقي بأن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة والمحافظة على الصلوات والعبادات والأذكار والقراءة والأعمال الصالحة وكثرة الحسنات، والبعد عن المعاصي والبدع والمحدثات والمنكرات وكبائر الذنوب وصغائرها، والحرص على الأكل الحلال والحذر من المال الحرام أو المشتبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، " وذكر " الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب له " ؛ فطيب المطعم من أسباب قبول الدعاء ومن ذلك عدم فرض الأجرة على المرضى والتنزه عن أخذ ما زاد على نفقته فذلك أقرب إلى الانتفاع برقيته.
الشرط الثاني: معرفة الرقى الجائزة من الآيات القرآنية: كالفاتحة، والمعوذتين، وسورة الإخلاص، وآخر سورة البقرة، وأول سورة آل عمران وآخرها، وآية الكرسي، وآخر سورة التوبة، وأول سورة يونس، وأول سورة النحل، وآخر سورة الإسراء، وأول سورة طه، وآخر سورة المؤمنون، وأول سورة الصافات، وأول سورة غافر، وآخر سورة الجاثية، وآخر سورة الحشر، ومن الأدعية القرآنية المذكورة في الكلم الطيب ونحوه، ومع النفث بعد كل قراءة، وتكرار الآية مثلاً ثلاثاً أو أكثر من ذلك.
الشرط الثالث: أن يكون المريض من أهل الإيمان والصلاح والخير والتقوى والاستقامة على الدين، والبعد عن المحرمات والمعاصي والمظالم لقوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين) الإسراء: ٨٢ ؛ فلا تؤثر غالباً في أهل المعاصي وترك الطاعات وأهل التكبر والخيلاء والإسبال وحلق اللحى والتخلف عن الصلاة وتأخيرها والتهاون بالعبادات ونحو ذلك.
الشرط الرابع: أن يجزم بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع، فلا يفيد إذا كان متردداً يقول: أفعل الرقية كتجربة إن نفعت وإلا لم تضر، بل يجزم بأنها نافعة حقاً وأنها الشفاء الصحيح كما أخبر الله تعالى.
فمتى تمت هذه الشروط نفعت بإذن الله تعالى، والله أعلم.
(من فتاوى الشيخ العلامة الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – رحمه الله -)
المرجع:(الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
س2: تلقى أحدهم علاجاً بالرقى الشرعية من احد المشهود لهم بالصلاح والخير وأعطاه أجراً على رقيته، ولكنه بعد ذلك استكثر ما أعطاه للراقي فادعى على الراقي أموراً غير صحيحه حسداً منه لذلك الراقي. فما حكم مثل هذا العمل ؟
جـ2: يفضل أن الراقي يتبرع برقيته لنفع المسلمين، واحتساب الأجر من الله في شفاء مرضى المسلمين وإزالة الضرر عنهم وأن لا يطلب أجرة على رقيته بل يترك الأمر على المرضى فإن دفعوا له أكثر من تعبه زهد فيها وردها وإن كانت دون حقه تغاضى عن الباقي وهذا من أكبر الأسباب لتأثير الرقية.
أما إذا دفع إليه شيئاً من المال عن طيب نفس فليس له الرجوع فيما أعطاه وذلك لأنه قد سمح بها ودفعها كعطية أو هدية أو أجرة طيبة بها نفسه فرجوعه فيها كالرجوع في الهبة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " العائد في هبته كالعائد في قيئه "، وفي حديث آخر: " ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله "، قال الراوي: ولا أعلم القيء إلا حراماً.
ثم إن دعواه على الراقي أموراً أخرى يعتبر ظلماً وإفكاً وكذباً يعاقب عليه وهكذا الحسد الذي حصل منه للراقي وقد قال تعالى عن اليهود: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)، فالحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب فعليه أن يتوب ويترك الظلم والحسد ويقنع بما قسم الله تعالى، والله أعلم.
(من فتاوى الشيخ العلامة ابن جبرين – رحمه الله)
المرجع: كتاب (الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
****
د) أحكام متفرقة في الرقية الشرعية:
1- حكم رقية المريض بالأجرة
س1: تجوز قراءة القرآن لمريض، لوجه الله تعالى أو بأجرة ؟
جـ1: إذا كان المقصود أن يرقى المريض بالقرآن فذلك جائز، بل مستحب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه " ولفعله ذلك وأصحابه رضي الله عنهم، والأولى أن يكون بغير أجرة، وإن كان بأجرة جاز لثبوت السنة بجواز ذلك، وإن كان المقصود أن يجعل ثوابه للمريض، فذلك لا ينبغي فعله لعدم وروده في الشرع المطهر، وقد قال عليه الصلاة والسلام، " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهود رد " متفق على صحته. وبالله التوفيق
المرجع: (فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء، فتوى رقم 4086).
2- الانشغال عن الدعوة بالرقية الشرعية، وحكم اشتراط الأجرة
س: نحن في حاجة إلى الدعوة ومع ذلك فإن أحدنا انشغل بعلاج الممسوسين بالجن، وهل يجوز تعطيل الدعوة لهذا العمل، وكيف يكون علاج الممسوس، وهل يشترط أخذ مال، وإلا فلا يعالج ؟
ج: الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، فإن تعينت على الشخص بحيث لا يقوم غيره مقامه، فإنها مقدمة على القراءة على من به مس من الجن، وذلك لأن مصلحة الدعوة مصلحة متيقنة، ومصلحة القراءة على من به مس من الجن مصلحة غير متيقنة، وكم من إنسان قرئ عليه ولم يستفد شيئاً، فينظر إذا كانت الدعوة متعينة على هذا الرجل، لا يقوم غيره مقامه فيها، فإنه يجب عليه أن يدعو ولو ترك القراءة على من به مس من الجن، أما إذا كانت فرض كفاية، فينظر إلى الأصلح، وإذا أمكن أن يجمع بينهما، وهو الظاهر أنه يمكن الجمع بينهما، يخصص لهذا يوماً ولهذا يوماً أو أياماً حسب الأهمية، ويحصل منه الإحسان إلى إخوانه الذين أصيبوا بهذه المصيبة، ومع ذلك يستمر في الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ فإن حصل الجمع بينهما ما أمكن فهو الأولى.
أما العلاج الصحيح للممسوس بالجن فإنه يختلف من حال إلى حال لكن أحسن ما يكون أن يقرأ عليه القرآن ؛ مثل قوله تعالى: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلآء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نارٍ ونحاس فلا تنتصران فبأي آلآء ربكما تكذبان) الرحمن: ٣٣ - ٣٦ لأن هذا تحد لهم أنهم لا يستطيعون الفرار من الله عز وجل. وكذلك اقرأ عليهم المعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي.
وكذلك تكلم عليه بالموعظة كما كان يفعل شيخ الإسلام، يقول: هذا حرام عليكم أن تؤذوا المسلمين أو تضربوهم أو ما أشبه ذلك.
أما أخذ المال فإذا لم يأخذ مالاً فهو أفضل، وإن أخذ بدون شرط فلا بأس، وأن كان هؤلاء الذين قرأ عليهم قد تركوا ما يجب عليهم للقارئ. وأبى أن يقرأ إلا بعوض فلا بأس كما فعل أهل السرية الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلوا على قوم فلم يضيفوهم، فأرسل الله تعالى على سيدهم عقرباً فلدغته، فطلبوا من يقرأ فقالوا: لعل هؤلاء القوم الذين نزلوا بكم يقرءون، فأتوا إليهم فقالوا: لا نقرأ عليه إلا بكذا وكذا ـ بقطيع من الغنم، وأجاز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.
(من فتاوى الشيخ العلامة الصالح العثيمين – رحمه الله)
المرجع: كتاب (لقاء الباب المفتوح 44)
3- القراءة على أكثر من مريض بالمكبِّر
س: هناك بعض من يرقون بالرقى الشرعية يقومون بجمع من سيقرؤون عليهم في مكان واحد ويقرؤون عليهم بالميكرفون وذلك لكثرتهم، فما حكم القراءة عليهم مجتمعين ؟ وما حكم استخدام الميكرفون ؟
جـ: ذكر بعض القراء أن ذلك جُرِّب فأفاد وحصل الشفاء لكثير من المصابين، وذلك أن سماع المصروع لتلك الآيات والأدعية والأوراد يؤثر في الجان الذي يلابسه فيحدث أنه يتضرر ويفارق الإنسي، أو أن هذا القرآن هو شفاء كما وصفه الله تعالى فيؤثر في السامع ولو لم يحصل من القارئ نفث على المريض، ومع ذلك فإن الرقية الشرعية هي أن الراقي يقرب من المريض ويقرأ عنده الآيات وينفث عليه ويمسح اثر الريق على جسده بيده، ويسمعه الآيات والأدعية حتى يتأثر بسماعها، فعلى هذا متى تيسر أن يرقي كل واحد منفرداً فهو أفضل وإن شق عليه فعل ما ذُكِر من القراءة، قرأ في المكبر مع العلم بأن تأثيرها أقل من تأثير القراءة الفردية، والله أعلم.
(من فتاوى الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين – رحمه الله)
المرجع: (الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
4- حكم قراءة الرجل على المرأة في جمع من النساء
س: يقول السائل: هل تجوز القراءة والنفث على المرأة المصروعة أو الملدوغة بحية أو عقرب، مع وجود جمع من النساء ولا محرم هناك ؟
ج: نعم لا بأس إذا حصل عدم الخلوة، إذا حصل وجود شخص ثالث كأبيها أو أخيها أو امرأة أخرى، المقصود لا يخلو يكون معهم ثالث أو أكثر فلا حرج وإن كان الحاضر من النساء ليس بشرط المحرم، المحرم في السفر فقط.
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، المرجع: فتاوى نور على الدرب
س: هل يعتبر من الخلوة جمع النساء في مكان واحد للقراءة عليهن فإذا انصرعت المرأة حضر محرمها ؟
جـ: لا يعد خلوة وجود نساء مع رجل واحد للقراءة عليهن جميعاً حيث إن الخلوة المحظورة كون المرأة وحدها مع رجل أجنبي لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان "، ففي حال وجود مجموعة من النساء اثنتين فأكثر مع رجل من القراء الموثوقين من أهل الدين والإيمان والخير والصلاح والاستقامة لمعالجة صرع أو صرف أو عين أو مرض نفساني لا يكون ذلك محظوراً لكن يقتصر القارئ على الرقية وراء الستر ولا يمس شيئاً من بدن المرأة الأجنبية بدون حائل وحيث إن الأولياء حاضرون فيفضل حضور من يخاف على موليته من الإغماء ونحوه ليتولى مباشرة جسمها وتغطية بدنها، والله أعلم.
(من فتاوى الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين – رحمه الله)
المرجع: كتاب (الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
****
5- حكم كشف مواضع الألم للراقي عند القراءة
س: كما تعلمون فإن كثيراً من الناس يعانون من بعض الأمراض التي لا يجدون لها علاجاً طبياً فيلجئون إلى بعض أهل العلم وبعض حملة كتاب الله من أهل التقوى والصلاح ليرقوهم بالرقى الشرعية، وقد يكون المرضى من النساء ويكون مكان الوجع عندهن في رؤوسهن أو صدورهن أو أيديهن أو أرجلهن، فهل يجوز كشف هذه الأماكن للقراءة عند الضرورة وما هي حدود الكشف ـ إن كان جائزاً ـ عند القراءة ؟
جـ: إذا كان الأمر كما قلت في السؤال، أن الرجل من أصحاب التقى والصلاح وليس متهماً في دينه وأخلاقه وقال لابد من كشف موضع الألم حتى أقرأ عليه مباشرة فلا بأس بالكشف ولكن لابد أن يكون هناك محرم حاضر بحيث لا يخلو بها القارئ لأنه لا يجوز الخلوة إلا مع ذي محرم.
المرجع: (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله)
****
6- حكم الرقية على الجنب والحائض
س: هل تجوز القراءة والرقية الشرعية على المرأة المريضة بالمس والعين وغيره،وهي حائض، وعلى الرجل المريض وهو جنب ؟
ج: يشترط لقارئ القرآن الطهارة من الحدث الأكبر، الذي يوجب الغسل، كالجنابة والحيض، وأما المريض فالأكمل أن يكون طاهراً أيضاً، لكن إذا مرضت الحائض وتضررت جازت القراءة عليها زمن الحيض للحاجة، سواء كان المرض بالمس أو السحر أو العين.
- المرجع: كتاب (الكنز الثمين)
****
هـ) مخالفات في الرقى الشرعية
1- حكم حمل آيات الرقية في الملابس أو في السيارة:
س: ما حكم حمل آيات قرآنية في الجيب كالمصاحف الصغيرة بقصد الحماية من الحسد والعين أو أي شر باعتبار أنها آيات الله الكريمة، على اعتبار أن الاعتقاد في حمايتها للإنسان هو الاعتقاد الصادق بالله، وكذلك وضعها في السيارة أو أي أداة أخرى لنفس الغرض ؟ وما حكم حمل الحجاب المكتوب من آيات الله بقصد الحماية من العين أو الحسد أو لأي سبب آخر من الأسباب كالمساعدة على النجاح أو الشفاء من المرض أو السحر إلى غير ذلك من الأسباب ؟ وما حكم تعليق آيات قرآنية بالرقية في سلاسل ذهبية أو خلافه للوقاية من السوء ؟
ج: أنزل الله سبحانه القرآن ليتعبد الناس بتلاوته، ويتدبروا معانيه، فيعرفوا أحكامه، ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها، وبذلك يكون لهم موعظة وذكرى تلين به قلوبهم وتقشعر منه جلودهم، وشفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وزكاة للنفوس وطهارة لها من أدران الشرك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو القى السمع وهو شهيد، قال الله تعالى: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدىً ورحمة للمؤمنين) يونس: ٥٧،وقال تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هادٍ) الزمر: ٢٣ وقال تعالى: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق: ٣٧وجعل سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وآية باهرة على أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة ليبلغ شريعته إليهم، ورحمة بهم،وإقامة للحجة عليهم قال تعالى: (وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) العنكبوت: ٥٠ - ٥١، قال تعالى: (الر تلك آيات الكتاب المبين) يوسف: ١ وقال سبحانه: (الر تلك آيات الكتاب الحكيم) يونس: ١. إلى غير ذلك من الآيات. فالأصل في القرآن أنه كتاب تشريع وبيان للأحكام وأنه آية بالغة ومعجزة باهرة، وحجة دامغة أيد الله بها رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه بالقرآن فكان يقرأ على نفسه المعوذات الثلاث، قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وثبت أنه أذن في الرقية بما ليس فيه شرك من القرآن والدعية المشروعة وأقر أصحابه على الرقية بالقرآن وأباح لهم ما أخذوا على ذلك من الأجر، فعن عوف بن مالك أنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال: " اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقي ما لم تكن شركاً " رواه مسلم في صحيحه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء، لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء، فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي، ولكنا والله لقد استضفناكم فم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبه، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم اقسموا، فقال الذي رقي: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: " وما يدريك أنها رقية " ثم قال: " قد أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم سهماً "فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه نفث في كفيه، بقل هو الله أحد والمعوذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه وما بغلت يداه من جسده، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به، رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: " اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً " رواه البخاري إلى غير ذلك من الأحاديث التي ثبت منها أنه رقى بالقرآن وغيره وأنه أذن في الرقية، وأقرها ما لم تكن شركاً.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي نزل عليه القرآن، وهو بأحكامه أعرف وبمنزلته أعلم أنه علق على نفسه أو غيره تميمة من القرآن أو غيره، أو أتخذه أو آيات منه حجاباً يقيه الحسد أو غيره من الشر، أو جعله أو شيئاً منه في ملابسه أو في متاعه على راحلته لينال العصمة من شر الأعداء أو الفوز والنصر عليهم أو لييسر له الطريق ويذهب عنه وعثاء السفر أو غير ذلك من جلب نفع أو دفع ضر، فلو كان مشروعاً لحرص عليه وفعله، وبلغه أمته، وبينه لهم، عملاً بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) المائدة: ٦٧ ولو فعل شيئاً من ذلك أو بينه لأصحابه لنقلوه إلينا، ولعملوا به، فإنهم احرص الأمة على البلاغ والبيان، وأحفظها للشريعة قولاً وعملاً، وأتبعها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن لم يثبت شيء من ذلك عن أحد منهم، فدل ذلك على أن حمل المصحف أو وضعه في السيارة أو متاع البيت أو خزينة المال لمجرد دفع الحسد أو الحفظ أو غيرهما من جلب نفع أو دفع ضر لا يجوز، وكذا اتخاذه حجاباً أو كتابته أو آيات منه في سلسلة ذهبية أو فضية مثلاً تعلق في الرقبة ونحوها لا يجوز، لمخالفة ذلك لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضوان الله عليهم، ولدخوله في عموم حديثه " من تعلق تميمة فلا أتم الله له.. " وفي رواية: " من تعلق بتميمة فقد أشرك " رواهما الإمام أحمد وفي عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى من الرقى ما لم يكن فيه شرك فأباحه كما تقدم ولم يستثن شيئا من التمائم، فبقيت كلها على المنع، وبهذا يقول عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابة وجماعة من التابعين منهم أصحاب عبد الله بن مسعود كإبراهيم ابن يزيد النخعي.
وذهب جماعة من العلماء إلى الترخيص بتعليق تمائم من القرآن ومن أسماء الله وصفاته لقصد الحفظ ونحوه واستثنوا ذلك من حديث النهي عن التمائم كما استثنيت الرقى التي لا شرك فيها لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته، فاعتقاد البركة والنفع فيه وفي أسمائه تعالى وصفاته ليس شرك، فلا يمنع اتخاذ التمائم منها أو حمل شيء منها أو اصطحابه أو تعليقه رجاء بركته ونفعه، ونسب هذا القول إلى جماعة منهم عبد الله بن عمرو ابن العاص، لكنه لم تثبت روايته عنه، لأن في سندها محمد بن إسحاق وهو مدلس، على أنها إن ثبتت لم تدل على جواز تعليق التمائم من ذلك، لأن الذي فيها أنه كان يُحَفِّظ القرآن للأولاد الكبار، ويكتبه للصغار في ألواح، ويعلقها في أعناقهم، والظاهر أنه فعل ذلك معهم ليكرروا قراءة ما كتب حتى يحفظوه لا أنه فعل ذلك معهم حفظاً لهم من الحسد أو غيره من أنواع الضرر، فليس هذا من التمائم في شيء. وقد اختار الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتاب فتح المجيد ما ذهب إليه عبد الله بن مسعود وأصحابه من المنع والتمائم من القرآن وغيره، وقال إنه هو الصحيح، لثلاثة وجوه:
الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم، الثاني: من الذريعة، فإنه يفضي على تعليق ما ليس كذلك. الثالث: أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك والله أعلم.
(من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم( 992))
****
2- حكم الرقية وتعليق آيات في عنق المريض
س: عن حكم الرقية ؟ وعن حكم كتابة الآيات وتعليقها في عنق المريض ؟
ج: الرقية على المريض المصاب بسحر أو غيره من الأمراض لا بأس بها إن كانت من القرآن الكريم أو من الأدعية المباحة فقد ثبت عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه كان يرقي أصحابه، ومن جملة ما يرقاهم به: " ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع " فيبرأ. ومن الأدعية المشروعة، " بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك ".
ومنها أن يضع الإنسان يده على الألم الذي يؤلمه من بدنه فيقول: " أعوذ بالله وعزته من شر ما أجد وأحاذر ". إلى غير ذلك مما ذكره أهل العلم من الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما كتابة الآيات والأذكار وتعليقها فقد أختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من أجازه، ومنهم منعه، والأقرب المنع من ذلك، لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الوارد أن يقرأ على المريض، أما أن تعلق الآيات أو الأدعية على المريض في عنقه أو في يده أو تحت وسادته وما أشبه ذلك فإن ذك من الأمور الممنوعة على القول الراجح لعدم ورودها، وكل إنسان يجعل من الأمور سبباً لأمر آخر بغير إذن من الشرع فإن عمله هذا يعد نوعاً من الشرك لأنه إثبات سبب لم يجعله الله سبباً.
(مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله)
3- حكم تعليق الأدعية على الميت
س: هناك بعض الأدعية تعلق على الميت ؛ لتكون في قبره مذكرة ومعينة على سؤال منكر ونكير، ما حكم مثل هذا ؟
ج: هذا أيضا لا أصل له، بل منكر وبدعة إن مات على استقامة لقنه الله، وأجاب منكرا ونكيرا، وإن مات على غير الاستقامة ما نفعته هذه الأشياء التي معه، إنما هو تثبيت الله جل وعلا، من ثبته الله بالقول الثابت أجاب ومن لم يثبت لم يجب، من مات على هدى واستقامة أجاب: ربي الله والإسلام ديني، ومحمد نبيي، وإذا مات على غير هدى قال: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ؛ فليست التعليقات التي تعلق عليه بنافعة له، ولا قيمة لها ؛ بل هذه من البدع التي أحدثها الناس، والله المستعان.
4- حكم تعليق حرز الحصن الحصين
س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول: كثير من الناس يشترون كتابا صغيرا اسمه (الحصن الحصين)، وتوجد في هذا الكتاب آيات قرآنية وأدعية، ومكتوب في أوله أنه من قرأ هذا الحصن، إذا كان مدانا انقضى دينه، وإذا كان مسجونا خرج من سجنه، وإذا كان مريضا شُفي من مرضه، وأنه دواء لكل داء، وأنه نافع للطفل إذا مرض، فعلى والدته أن تعلقه على صدره، وأنه نافع للفتيات البكر، اللائي لم يتزوجن، فإنها تضعه في قطعة حرير خضراء، وتعلقه على رأسها، حتى تتزوج مبكرا، فما حكم ذلك بارك الله فيكم ؟.
ج: كل هذا غير صحيح، بل منكر والتمائم نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منها، فلا تعلق على المرأة ولا على الرجل ولا على الطفل، لا هذا الحصن الحصين، ولا غيره ولا آية ولا حديث ولا دعاء، لا يعلق، الصواب أنه ينهى عن التعليق، ولكن يفعل المسلم ما شرع الله من التعوذات الشرعية، كأن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحا ومساء، يكررها ثلاثا، وإذا دخل المنزل يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، وقال له بعض الصحابة في بعض الليالي: ما رأيت الليلة من مرض أو أذى من عقرب لدغتني ؟ قال: " أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك.
وقال صلى الله عليه وسلم: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا، لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح.
هذه الأذكار الشرعية والتعوذات الشرعية مستحبة، وفيها خير عظيم، وهكذا آية الكرسي، إذا قرأها عند النوم: اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
إذا قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يُصبح، هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في القرآن، آية الكرسي من قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فنوصي بقراءتها عند النوم، وبعد كل صلاة كما جاء في الحديث أيضا، كذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة مستحبة، ويُستحب تكرارها ثلاثا بعد المغرب والفجر، هذه السور الثلاث وعند النوم كذلك، نوصي بهذه الأشياء.
أما تعليق آيات أو أحاديث أو دعوات أو حرز الحصن الحصين، هذا كله لا أصل له، بل هو من البدع ومن التمائم المنكرة، وهكذا أن من قرأه أنه ما يضره شيء كل هذا لا دليل عليه، بل هو من خرافات بعض من ينتسب إلى العلم.
5- حكم رقية العقرب:
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين في منطقة الفرع وغيرها من ضواحي المدينة المنورة، وفقهم الله للفقه في الدين آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني أنه يوجد بجهتكم رقية (للعقرب) وغيرها من ذوات السم، مشتملة على أنواع من الشرك فوجب علي تنبيهكم عليها، وتحذيركم منها.
وهذا نص بعض ما بلغني من الرقية المشار إليها.
بسم الله يا قراءة الله، بالسبع السموات،وبالآيات المرسلات، التي تحكم ولا يحكم عليها، يا سليمان الرفاعي، ويا كاظم سم الأفاعي، ناد الأفاعي، باسم الرفاعي، أنثاها وذكرها، طويلها وأبترها، وأصفرها وأسودها، وأحمرها وأبيضها، صغيرها وأكبرها، ومن شر ساري الليل وماشي النهار،استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبياً، وفاطمة بنت النبي، ومن جاء بعدها من ذريتها، انتهى.
هذا بعض ما بلغني ولها صورة كثيرة، لا تخلوا من الشرك وهذا الرقية فيها أنواع من الشرك، مثل قوله (بالسبع السموات)، ومثل قوله (يا سليمان الرفاعي يا كاظم سم الأفاعي ناد الأفاعي باسم الرفاعي) ، ومثل قوله
(استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبي، وفاطمة بنت النبي ومن جاء عبدها من ذريتها)، وقد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة على أن العبادة حق لله وحده، وأنه لا يدعى إلا الله، ولا يستعان إلا به، كما قال تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) الفاتحة: ٥ . قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) الجن: ١٨. وقال النبي – صلى الله عليه وسلم ـ " الدعاء هو العبادة "
وقال عليه الصلاة والسلام: " إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله " والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاستعانة بالجمادات، كالسماوات والكواكب والأصنام والأشجار ونحو ذلك، بل ذلك من الشرك، كما أجمعوا أنه لا يجوز دعاء الأموات والاستعانة بهم، أو الاستغاثة أو نحو ذلك، سواء كانوا أنبياء أو أولياء أو غيرهم، لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، كما صح بذلك الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهذه الرقية فيها الاستعانة بالسموات والاستعانة بكثير من الأموات، من الأنبياء وغيرهم، وفيها الاستعانة بالرفاعي، وهذا كله من الشرك، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من هذه الرقية، وأشباهها من الرقى المشتملة على الشرك، والتواصي بترك ذلك، والتحذير منه، والاكتفاء بالرقى وبالتعوذات الشرعية ففيها الغنية والكفاية، مثل آية الكرسي وسورة قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس وغير ذلك من الآيات القرآنية، وهكذا التعوذات والدعوات الشرعية كالاستعاذة بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وقول المسلم في الصباح والمساء :
(باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، ومثل قوله في رقية المريض واللديغ "اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً " و" باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك ". ثلاث مرات وهكذا قراءة الفاتحة على المريض واللديغ، من أعظم أسباب الشفاء، ولاسيما مع التكرار لذلك بصدق وإخلاص لله سبحانه، في طلب الشفاء منه، والإيمان الصادق بأنه سبحانه هو الشافي لا يقدر على الشفاء من جميع الأمراض غيره عز وجل. وأسال الله أن يوفقنا والمسلمين جميعاً للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعاً من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- المرجع (مجموع الفتاوى والمقالات المتنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله)
****
6- حكم الضرب والخنق للذي يرقي بالرقى الشرعية
س: هل يجوز للذي يعالج المرضى بقراءة القرآن الكريم أن يضرب ويخنق ويتحدث مع الجن ؟ جزاكم الله خيراً.
ج: هذا قد وقع شيء منه من بعض العلماء السابقين، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد يخاطب الجني ويخنقه ويضربه حتى يخرج، أما المبالغة في هذه الأمور مما نسمعه عن بعض القراء فلا وجه لها.
(من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله)
****
7- حكم القراءة على خزانات المياه
س: هناك بعض من يرقي بالرقى الشرعية يقومون بالقراءة لمرة واحدة والنفث على عدة أوعية وجوالين للمياه أو الزيت والبعض منهم يقرأ على خزان مياه المنزل أو ما يسمى بالوايت ويقدمه للمرضى بعد ذلك فهل هذا العمل جائز شرعاً وما مدى تأثيره ؟
ج: لا صحة لهذا العمل ولا يقرون على مثل هذا العمل، ولا تفيد هذه الرقية عادة إلا أن تكون قليلة أو اثنين يقرأ الآية ثم ينفث في هذا ثم هذا ويقرأ الآية الأخرى وينفث في هذا ثم هذا.
فأما قراءته في عدة جوالين أو أوعية فلا أظنه يفيد، وبطريق الأولى قراءته في خزان الماء أو الوايت، والغالب أن هؤلاء قصدهم كسب المال والاحتيال على تحصيله بهذه الظواهر وهو محرم عليهم، والله أعلم
(من فتاوى الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين – رحمه الله)
المرجع: (الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية)
تعليقات
إرسال تعليق