ارقام معالجين لفك السحر
همس الراقي في عالم الظل
في مدينة "عين السيج"، حيث تتداخل خيوط النور والظل، لم يكن الراقي مجرد قارئ. كان اسمه "ابو حميدان"، وكان يُلقّب بـ"راعي الأنوار". لم تكن مهمته مجرد تلاوة آيات، بل كان دوره أشبه بـمهندس روحي، يرى ما لا يُرى، ويدخل عوالمًا لا يدركها سواها.
عندما كان يجلس أمامه المريض، لم يكن يرى جسدًا ضعيفًا، بل كان يرى "متاهة". متاهة من خيوط سوداء متشابكة، عقدًا قديمة من الحسد والعين، وأشباهاً عالقة من سحر دفن منذ زمن بعيد. كانت هذه المتاهة هي السجن الذي يحبس النور الداخلي للمريض.
يبدأ ابو حميدان بالهمس، ليس بصوت عالٍ، بل بهمس يشبه وقع خطوات مطر خفيف. كل آية من القرآن كانت تتحول إلى شعاع ليزر من الذهب، يمر عبر الظلمات، يفكك عقدة هنا، ويمسح شبحًا هناك. كان يرى الخيوط تتفكك والظلال تتراجع. لم يكن العلاج صراعًا بالقوة، بل كان هندسة بالرحمة.
في إحدى المرات، جاءته امرأة تعاني من نبض في يدها اليسرى لا يتوقف. قال لها ابو حميدان: "في يدك سجن قديم، سجن من ذكرى لم تُشفى بعد." بدأ يهمس سورة يوسف، وكلما وصل إلى قوله تعالى: "وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ"، كان يرى كائنًا شبحيًا يختبئ في ذراعها، يرتعش من قوة الكلمات. لم يهاجمه، بل وجه إليه شعاع النور، حتى تآكل الكيان الشبحي وتحرر، تاركًا خلفه وميضًا خفيفًا من الضوء الأبيض.
كان دور ابو حميدان ألا يكتفي بالشفاء، بل أن يُعيد رسم الخريطة الروحية للمريض. بعد كل جلسة، كان يقول: "لقد أزلتُ الأذى، ولكن عليك أن تُضيء بنفسك طريق النور الآن. أنت لستَ سجينًا للمتاهة، بل أنتَ سيدها." كانت هذه هي القوة الحقيقية للراقي، لا في السيطرة، بل في إيقاظ القوة الكامنة في النفوس.
تعليقات
إرسال تعليق