سحر الآلام والأسقام ( سحر المرض ) أعراض سحر المرض بالتفصيل
- قد يستأنس بآية من كتاب الله عز وجل على هذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي : قال تعالى ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) ( ص – الآية 41 ، 42 )
- وقد يستأنس من السنة المطهرة فيما يتعلق بهذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي : عن أبي موسى- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الطاعون وخز أعدائكم من الجن ، وهو لكم شهادة ) (صحيح الجامع 3951 ) 0
قلت : والأدلة آنفة الذكر تدل على أن للشيطان قدرة على إيذاء بني آدم في جسده بالآلام والأسقام ، وقد سبق وأن تعرضت من خلال ثنايا هذا البحث لتلك المسألة بشرح وإسهاب دقيق في هذه السلسلة( الصرع ) تحت عنوان " المس والإيذاء المؤدي للمرض " وقد أوردت كلاما لبعض أهل العلم يؤيد ذلك المفهوم ، وبما أن الجن والشياطين يسلطون على الإنسان عن طريق السحر ، فقد يكون لذلك تأثير بإذن الله القدري الكوني لا الشرعي على إحداث تلك المؤثرات الخاصة بالجسم البشري وإمراضه ، وربما يصل الأمر في بعض الأحيان إلى العجز أو القتل ، علما بأن النوع الآخر من أنواع السحر وهو ( سحر المؤثرات ) قد يؤدي لنفس الأعراض من حيث المرض والقتل ونحوه ، بطريقة لا يعلمها إلا الله ، ولكنها لا تنفذ ولا تؤثر إلا بإذنه سبحانه وتعالى ، وهذا معلوم عند المتمرسين الحاذقين ومكتوب في كتب السحر أعاذنا الله وإياكم منها ومن شرورها .
وفي الأثر الوارد عن عائشة - رضي الله عنها - شاهد قوي على ذلك ، فقد ثبت من حديث عمرة قالت : ( اشتكت عائشة فطال شكواها ، فقدم إنسان المدينة يتطبب ، فذهب بها بنو أخيها ، يسألونه عن وجعها ، فقال: والله إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة قال : هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها قالت : نعم أردت أن تموتي فأعتق قالت : وكانت مدبرة ، قالت : فبيعوها في أشد العرب ملكة - أي للأعراب الذين لا يحسنون إلى المماليك - واجعلوا ثمنها في مثله ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 6 / 40 - موطأ الإمام مالك - 2 / 422 ، وعبدالرزاق في مصنفه - 10 / 183 ) .
قال القرطبي : ( لا ينكر أحد أن يظهر على يد الساحر خرق العادات بما ليس في مقدور البشر من : مرض ، وتفريق ، وزوال عقل ، وتعويج عضو ، إلى غير ذلك مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات البشر ) ( الجامع لأحكام القرآن – 2 / 42 ) .
* تعريف الآلام والأسقام : ويسمى ( سحر المرض ) وهو عمل وتأثير لإصابة الشخص بالآلام والأسقام ، فتراه طريح الفراش عليل البدن ، وقد تكون العلة في موضع واحد ، وقد تنتقل من موضع إلى موضع ، وكل ذلك بناء على ما يمليه ويفعله الساحر .
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( وأما سحر المرض فقد قيل إن أغلب الأمراض المستعصية هي بسبب الجن الذين يسخرهم الساحر فيلابسون الإنسان ، ويحدث ذلك تعطيل بعض الأعضاء عن منافعها فينهك البدن ، ويعظم الضرر ، ولا يوجد في الطب له علاج سوى الأدوية المهدية ، والأولى استعمال الرقى النافعة المؤثرة ، فلها تأثير كبير في تخفيف ذلك المرض كالسرطان والجلطة والشلل ونحوها ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة – 158 ، 159 ) .
* أنواع سحر المرض : قد يأخذ " سحر الآلام والأسقام " شكلا من الأشكال التالية :
أ)- سحر التشنجات العصبية : وتنقسم إلى قسمين :
1)- التشنجات العصبية قصيرة الأمد : وفيه يتعرض المسحور لتشنجات عصبية من فترة لأخرى دون أن تحدد بزمان أو مكان ، وتستمر تلك التشنجات لفترات قصيرة الأمد نسبيا ، وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع المؤثرات الاجتماعية للمريض ، وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة السحر والساحر .
2)- التشنجات العصبية طويلة الأمد : وفيه يتعرض المسحور لتشنجات عصبية من فترة لأخرى دون أن تحدد بزمان أو مكان ، وتستمر تلك التشنجات لفترات طويلة نسبيا ، وقد ترتبط تلك التشنجات أحيانا مع المؤثرات الخارجية للمريض ، وتعتمد تلك التشنجات في قوتها على قوة السحر والساحر .
ب)- سحر الأمراض العضوية : وتنقسم إلى :
1)- سحر الأمراض العضوية بتأثير كلي : وفيه يتعرض المسحور لأمراض وآلام تصيب جميع أنحاء الجسد ، ويشعر المسحور من خلال هذا النوع بالتعب والإرهاق والخمول وعدم القدرة على القيام بأية أعمال .
2)- سحر الأمراض العضوية بتأثير جزئي : وفيه يتعرض المسحور لمرض يتركز في جهة محددة من الجسم ، وله أعراض معينة ، وعند قيام المريض بالفحص الطبي يتبين سلامة كافة الفحوصات الطبية ، وسلامة الجسم من أية أمراض عضوية .
3)- سحر الأمراض العضوية المتنقلة : وفيه يتعرض المسحور لأمراض وآلام متنقلة في جميع أنحاء الجسم ، فتارة يشعر بألم في الرأس وتارة أخرى يشعر بألم في المفاصل وهكذا ، وكل ذلك يحصل دون تحديد أية أمراض عضوية محددة .
ج)- سحر تعطل الحواس : وينقسم إلى قسمين :
1)- سحر تعطل حواس دائم : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لتعطل الحواس الخاصة بالسمع والإبصار والشم تعطلا دائما ، فلا تعود تلك الحواس للمسحور إلا بعد إبطال السحر وشفاء المريض بإذن الله تعالى .
2)- سحر تعطل حواس مؤقت : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لتعطل الحواس الخاصة بالسمع والإبصار والشم تعطلا مؤقتا ، ويتقلب الحال من وقت إلى وقت ومن زمن إلى زمن .
د)- سحر الشلل : وينقسم إلى :
1)- سحر شلل كلي : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لشلل كلي في جميع أنحاء الجسم ، فلا يستطيع الحراك مطلقا ، ولا تعود له عافيته إلا بعد إبطال السحر بإذن الله تعالى .
2)- سحر شلل جزئي : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لشلل جزئي يختص بمنطقة معينة كاليد أو القدم أو الرأس ونحوه ، ويبقى العضو معطلا فترة من الزمن ثم يعود إلى سابق عهده ، وتنتهي المعاناة بإذن الله تعالى عند انتهاء وإبطال السحر .
3)- سحر شلل متنقل : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لشلل جزئي متنقل ، فتارة يصيب الشلل منطقة اليد ، وتارة أخرى منطقة القدم وهكذا ، وكل ذلك دون تحديد أسباب طبية معينة ، ولا ينقطع هذا الأمر إلا بعد إبطال السحر بإذن الله تعالى .
هـ)- سحر الخمول : وينقسم إلى قسمين :
1)- سحر خمول دائم : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لخمول دائم ينتاب جميع أنحاء الجسم ، فيشعر المريض دائما بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو ممارسة أي نشاط يذكر .
2)- سحر خمول مؤقت : يتعرض المسحور من خلال هذا النوع لخمول مؤقت ينتابه بعض الفترات ويتراوح ذلك بحسب قوة السحر وتأثيره ، فيشعر المريض أحيانا بالفتور والخمول وعدم القدرة على العمل أو ممارسة أي نشاط يذكر ، وتارة أخرى يكون نشيطا قويا يعيش كأي إنسان طبيعي آخر .
و)- سحر الاستحاضة ( سحر النزيف ) : وعادة ما يصيب هذا النوع النساء .
قال ابن الأثير : ( الاستحاضة : أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضتها المعتادة ) ( النهاية في غريب الحديث - 1 / 469 ) .
- قد يستأنس من السنة المطهرة فيما يتعلق بهذا النوع من أنواع السحر على النحو التالي : عن حمنة بنت جحش - رضي الله عنها - : قالت : ( كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتيته فقلت : يا رسول الله إني أستحيض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام ؟ فقال : أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت : هو أكثر من ذلك قال : فاتخذي ثوبا قالت : هو أكثر من ذلك قال : فتلجمي قالت : إنما أثج ثجا . فقال لها : سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم . فقال لها : إنما هذه ركضة من ركضات الشياطين فتحيضين ستة أيام أو سبعة في علم الله الحديث بطوله ) ( صحيح أبي داوود 267 ) .
قال ابن القيم والسحر الذي يؤثر مرضا وثقلا وعقدا وحبا وبغضا ونزيفا وغير ذلك من الآثار - موجود ، تعرفه عامة الناس .وكثير منهم قد علمه ذوقا بما أصيب به منه ) ( بدائع التفسير - 5 / 411 - 412 ) .
قال الشبلي وذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم فإذا ركض ذلك العرق وهو جار سال منه الدم وللشيطان في هذا العرق الخاص تصرف وله به اختصاص زائد على عروق البدن جميعها ولهذا تتصرف السحرة فيه باستنجاد الشيطان في نزيف المرأة وسيلان الدم من فرجها حتى يكاد يهلكها ويسمون ذلك بالنزيف وإنما يستعينون فيه بركض الشيطان هنالك وإسالة الدم ) ( آكام المرجان في أحكام الجان - ص 45 ، 46 ) .
وينقسم هذا النوع إلى قسمين :
1)- سحر استحاضة دائم : تتعرض المرأة من خلال هذا النوع لنزيف دائم لا يكاد ينقطع إلا نادرا ، وتشعر المرأة عادة بالضعف وعدم القدرة على ممارسة أعمال المنزل والأعمال الأخرى 0
2)- سحر استحاضة مؤقت : تتعرض المرأة من خلال هذا النوع لنزيف متقطع يعاودها من فترة لأخرى ، وتشعر أثناء فترة النزيف بنفس الأعراض الخاصة بالاستحاضة الدائمة كالضعف وعدم القدرة على ممارسة أعمال المنزل والأعمال الأخرى .
قال الدكتور عمر الأشقر : ( فإذا عرفت ما يستطيعه الشيطان وما لا يستطيعه تبين لك الحق في هذه المسألة ، فالشيطان إما بنفسه أو بما لديه من علوم قد يسلط على بعض الناس بالأمراض والأسقام وإزالة العقل وتعويج العضو ) ( عالم السحر والشعوذة - ص 158 ) .
* أعراض سحر المرض بشكل عام :
1)- المعاناة من التعب والمرض .
2)- الشرود الذهني ، واعتزال الآخرين ، والانطواء الكامل والكراهية لكل من حوله .
3)- الصداع بشقية الدائم أو المؤقت ، فتارة يستمر الصداع مع المريض لأيام بل قد يتعدى ذلك لأسابيع ، وتارة أخرى يستمر لساعات فقط .
4)- الهدوء والسكون والخمول .
5)- تعطل بعض أعضاء الجسم عن العمل ، أو الشلل أو فقدان بعض الحواس لوظائفها الطبيعية .
6)- الضعف العام وعدم القدرة على القيام بالأعمال الدورية .
العلاج
أهمية تصحيح عقيدة المريض إن كان واقعاً في شرك أو بدع
المحافظة على الصلاة والدعاء والتحصين .
الصدقة والتوسل إلى الله والتقرب اليه بالأعمال الصالحة
البعدعن المعاصي والذنوب والرجوع إلى الله .
الالتزام بالرقيه الشرعيه
والاستحمام بماء مقرؤ عليه
ذكر ابن كثير في تفسيره قال : ( أخبرنا أبو جعفر الرازي عن ليث وهو ابن أبي سليم قال : بلغني أن هذه الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور 0
والآيات هي : ( فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ( يونس – الآية 79 ، 82 ) 0
( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا ءامَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) ( الأعراف – الآية 118 ، 122 ) 0
( وَأَلْقِ مَـا فِى يَمِينِـكَ تَلْقـَفْ مَـا صَنَعُــوا إِنَّمَــا صَنَعُــوا كَيْــدُ سَاحِــرٍ وَلا يُفْلِــحُ السَّاحِـرُ حَيْثُ أَتَى ) ( طه – الآية 65 ، 69 ) ( تفسير القرآن العظيم – 2 / 428 ) 0
قلت : ولا بأس بعد قراءة ما ذكر في الماء أن يشرب منه بعض الشيء ويغتسل بالباقي ، وبذلك يزول الداء بإذن الله تعالى .
تعليقات
إرسال تعليق